المركز الإعلامي

عبدالرحمن بن محمد يثمن المبادرات الملكية السامية لدعم التعايش والحريات الدينية

الجفير – المجلس الأعلى للشئون الإسلامية: 
شارك معالي الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن راشد آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية في أعمال الطاولة المستديرة الدولية للأعمال والحرية الدينية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي نظمها مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي، وهذه هي البحرين، بالتعاون مع مؤسسة الأعمال والحرية الدينية في واشنطن، والتي شارك فيها أكثر من ستين شخصية من صناع القرار في قطاعات الاستثمار والاقتصاد وريادة الأعمال، إلى جانب رجال دين وممثلي مؤسسات دينية مرموقة على مستوى المنطقة والعالم. 

وألقى معاليه كلمة أكد فيها أن لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المفدى حفظه الله ورعاه الدور الأبرز في تاريخ البحرين الحديث في رعاية التعددية والحرية.

وأضاف معاليه: "لقد حرص جلالته أيده الله على تأكيد التعايش والحريات الدينية باعتبارها منجزًا وطنية ثريًّا، وإرثًا حضاريًّا مهمًّا، فكانت لجلالته الكثير من المبادرات الرائدة في هذا المجال؛ فلم تقتصر الإرادة الرسمية على منح المزيد من الحريات الدينية وحسب، بل تجاوزت ذلك لتكون الدولة داعمًا أساسيًّا لممارسة تلك الحريات، بل أصبحت رعاية الدولة ودعمها عاملاً مهمًّا لبقاء هذا التنوع الديني والمذهبي الفريد". 

كما أشار معاليه إلى أن "مملكة البحرين حرصت على أن تجعل تشريعاتها وأنظمتها متوائمة مع هذا التنوع، ففي قضايا الأحوال الشخصية أو الأحكام الأسرية مثلاً يتحاكم كلّ فرد بحسب دينه ومذهبه. وترى في البحرين المسجد والمأتم والكنيسة والكنيس والمعبد". مضيفًا: "أرادت البحرين بذلك أن يكون النظام والقانون منسجميْن مع الضمير بما يجنِّب الأفراد من مواقف الاختلال والاضطراب والتضارب بين ضميرهم والقانون المفروض عليهم".  

وأكد معاليه أن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بتكوينه الفريد جُعل ليكون راعيًا لتلك التعددية المثمرة، وصائنًا وداعمًا لها. مضيفًا: "جاءت مؤخرًا سلسلة من المبادرات السامية من لدن صاحب الجلالة الملك المفدى أيده الله في هذا المجال؛ من أهمها إنشاء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي، وتدشين كرسي الملك حمد للحوار بين الأديان والتعايش السلمي بجامعة سابينزا الإيطالية، وإنشاء كلية عبدالله بن خالد للدراسات الإسلامية؛ ليكون ذلك تتويجًا لمنجزاتنا الوطنية في مجال تعزيز التعايش والتعددية". 

إلى ذلك، أشار معاليه إلى أن "التحديات التي يعيشها العالم اليوم في أبعادها الفكرية والنفسية والسلوكية، وعلى المستوى الاجتماعي والأخلاقي، كثيرةٌ وخطيرةٌ ومدمرة، وينبغي على القادة الدينيين والروحيين المخلصين أن يتصدوا لمواجهة تلك الأخطار، التي تتركز في حملات التشويه والتضليل لإشاعة الكراهية بين الناس، بما يقطِّع أوصال المجتمعات، ويحدُّ من قدرتها على النهوض والنمو والتقدم. إلى جانب حملات أخرى موازية تنشر الجهل بما يدمِّر مستقبل الدول، ويجعلها منقادةً في كل حياتها إلى غيرها". 

وأضاف: "إنَّ الحل الأمثل في نظرنا؛ هو العمل بكل قوة لتثبيت القيم والمبادئ والأخلاق في الفكر والسلوك، بما يجعل التعايش أساسًا مغروسًا في روح المجتمع وفكره؛ ويتجسد في سلوكه وفي جميع تفاعلاته ومعاملاته". لافتًا إلى أن ذلك لن يكون إلا عبر "تركيز تلك القيم والمبادئ في المناهج الدراسية، وفي البرامج والمنشورات الإعلامية، ومراعاة ذلك بكل أمانة واهتمام من قبل واضعي الاستراتيجيات في دولنا، بحيث تكون تلك العملية مشروعًا استراتيجيًّا يهتم به الجميع". مشيرًا في هذا السياق إلى الدور المهم والحيوي للمؤسسات الدينية، وللقادة الدينيين والروحيين وجميع قادة الرأي العام. 

وتابع معاليه: "بموازاة ذلك لا بد من تحقيق عامليْن مهمين جدًّا؛ وهما: العدالة والحرية المسئولة. والعدالة هي مفهوم ديني وأخلاقي وإنساني يعني إعطاء كل ذي حق حقه، كما يعني الإنصاف والحُكم المُتجرِّد دون تحيُّز. فالعدالة إذن هي ميزان ذلك المشروع الاستراتيجي، الذي يبقيه حيًّا ويمنحه الاستدامة". مضيفًا: "وأما الحرية المسئولة فهي أن يكون للفرد القدرة على الاختيار واتخاذ القرار، والقدرة على ممارسة السلوك الذي يريده، دون إكراه أو إجبار أو قهر؛ في إطار من المسئولية والاحترام والالتزام. ومن أهمها الحرية الدينية؛ بحيث يكون للفرد الحرية في اعتناق ما اختاره من دين أو فكر، ومنحه الحرية الكافية لممارسة ما يفرضه عليه ذاك الدين أو الفكر؛ ولكن في إطار من المسئولية والاحترام والالتزام كما قلنا". 

كما أكد معاليه اعتزاز مملكة البحرين باحتضانها "جميع الديانات والمذاهب والثقافات، مما أوجد فيها تنوعًا فريدًا وخلاقًا، أسهم على مر العصور في بناء الوجه الحضاري الأصيل لها، وخلق روحًا خاصةً تتسم بالتسامح والتعايش والمحبة". مضيفًا: "أننا نفخر بأن مملكة البحرين يشهد لها الجميع بأنها نموذج متقدم في المنطقة والعالم كله في مجال الحريات الدينية وحرية ممارسة الشعائر، ضمن إطار متكامل ومحكم يكفل الحقوق والحريات للجميع، بترسيخها في منظومتنا التشريعية، وتثبيتها في عاداتنا وتقاليدنا الموروثة". 

واختتم معاليه كلمته داعيًا الجميع اليوم إلى التكاتف والتعاون لدعم قيم الخير والتعايش والسلام، والتصدي بكل مسئولية لدعاة الفتنة والتحريض والكراهية.